حوار عبدالله النفيسي 2019 مع عمار تقي

في لقائه مع الإعلامي المتميز عمار تقي في برنامج الصندوق الأسود، صرح النائب السابق الدكتور عبدالله النفيسي بتفاصيل غريبة بشأن ترحيل السيد الخميني (قدّس سره) من منفاه في العراق. غرابة تلك التفاصيل تكمن في كونها مغايرة للواقع الذي عاصرناه وعرفناه. حيث إنه صرّح أن السيد الخوئي (قدس سره)، من أول يوم بعد وفاة السيد محسن الحكيم (قدس سره)، ذهب لمقابلة نائب الرئيس - في حينه - صدام حسين وطلب منه ترحيل السيد الخميني من العراق، وأن صدّام اضطر لترحيله رغم رغبته في استمرار إقامة السيد في العراق! وهذا بلا شك يتعارض مع شخصية وسيرة صدّام، كما أن الفترة الزمنية بين وفاة السيد الحكيم وترحيل السيد الخميني تقارب ثمانية أعوام.
بعيداً عن فكرة اللقاء ومحاوره وتفاصيله الأخرى، ما يهمني في هذا المقال هو الاحترافية التي مارسها المحاور تقي في تعامله مع تلك المعلومة الغريبة. فأنا أرى أن في حرصه على نفيها مؤشراً على إدراكه بتبعاتها الخطيرة المحتملة على المكوّن الشيعي على المستويين الاقليمي والمحلي. كما أجد أن المنهجية التي اتبعها كانت أكاديمية بامتياز، بحيث إنها أربكت الدكتور، وهو خريج جامعة كامبردج البريطانية العريقة.
فالمحاور استند في تعقيبه على مصادر معتبرة عوضاً عن الاعتماد على معلوماته الشخصية أو على معلومات يظن أنها مسلّمة، وهي الوسيلة التي استخدمها الدكتور في إجابته على سؤال المحاور بشأن مصدر معلومته الغريبة، حين رد قائلا: اسأل من شئت، المعلومة معروفة!
المصدر الأول الذي استعان به المحاور هو كتاب للدكتور علاء بشير الطبيب الخاص لصدّام بعنوان «كنت طبيباً لصدّام»، الذي جاء فيه أن وزير الإعلام والثقافة كان قد كُلف بإبلاغ السيد الخميني برسالة صدام التي جاء فيها أن عليه أن يرحل من أجل الحفاظ على العلاقة بين العراق وإيران. فعقّب الدكتور قائلاً بأن تلك الرسالة كانت «التخريجة»، ولكن السبب الحقيقي هو السيد الخوئي.
وأما الدليل الثاني الذي استعرضه المحاور، فقد أربك الدكتور بدرجة أنه احتاج لبعض الوقت ليتذكر من هو الأمير بندر بن سلطان، الذي كان سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة من 1983 حتى 2005، فضلاً عن المناصب الحساسة الأخرى التي تقلّدها بعد عودته إلى المملكة. الشاهد أن الأمير بندر أيضاً أكد أن ترحيل السيد الخميني كان استجابة لرغبة الشاه. ولكن الدكتور استمر في إصراره على رأيه، وعززه بالقول إن الذي نقل طلب الشاه هي زوجته فرح ديبا، وأن صدّام رفض أن يقابلها، وبالتالي لم يتسلم رسالته. فانتقل المحاور إلى مرحلة أخرى من رحلة السيد الخميني، تحديداً عند الحدود الكويتية. ولا أستبعد أن هذا الانتقال كان بغرض تجنب الجدل العقيم.
أرى بأنه كان على المحاور أن يستعين بالمزيد من الأدلة لإثبات أن الترحيل كان استجابة لطلب الشاه، كالاستدلال بما صرّح به حامد الجبوري وزير الخارجية العراقي بالإنابة - في تلك الأيام - لبرنامج شاهد على العصر في قناة الجزيرة، وتحديداً في الدقيقة 33 من الحلقة السابعة، حين صرّح بأن السفير الإيراني هو الذي سلّمه رسالة الشاه إلى صدّام. ولكنني ورغم قناعتي تلك، أرفع عقالي للمحاور تقي على حسن احتوائه للتصريح الغريب. كما أدعو الدكتور النفيسي إلى مضاعفة التزامه بالمنهجية العلمية، خصوصاً عند تداوله معلومات حساسة... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة أبها، “العذراء البهية، عروس الجبل، وسيدة الضباب

الاماكن السياحية في الكويت 2019

السياحة في سلطنة عمان